الزواج المبكر بين المنفعة والفساد
ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺮوف ﻟﺪﯾﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﻛﻌﺮب وﻣﺴﻠﻤﻮن أن اﻟﺰواج ﯾﻜﻤﻞ اﻟﻨﺼﻒ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﺪﯾﻦ ، ﻓﺎﻹﺳﻼم ﯾﺸﺠﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺰواج وﺧﺼﻮﺻﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻦ اﻟﻤﺒﻜﺮة، ﻷﻧﻪ ﯾﺤﻤﻲ ﻣﻦ ارﺗﻜﺎب اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ واﻟﻜﺒﺎﺋﺮ. وﻻ ﺷﻚ أﻧﻪ أﯾﻀﺎ ﯾﻮﻓﺮ اﻟﺤﺮﯾﺔ ﻟﻠﻔﺮد ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﻌﺎﻃﻔﻲ. ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺮوط اﻟﻮاﺟﺐ اﻻﻟﺘﺰام ﺑﻬﺎ وأﺧﺬﻫﺎ ﺑﻌﯿﻦ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻗﺒﻞ اﻹﻗﺪام ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺨﻄﻮة
اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻷوﻟﻰ واﻷﻫﻢ ﻫﻲ اﻟﻨﻀﻮج اﻟﻔﻜﺮي. ﻓﻤﻬﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻔﺮد ﺻﻐﯿﺮا ﻓﻲ ﺳﻨﻪ ،يجب أوﻻ أن ﯾﻜﻮن ﻧﺎﺿﺠﺎ ﺑﻌﻘﻠﻪ. ﻛﻠﻨﺎ ﻧﺴﻤﻊ ﻋﻦ ﻗﺼﺺ أﺑﻄﺎل ﻗﺪﯾﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻘﻮدون اﻟﺤﺮوب، وﯾﻮﺟﻬﻮن اﻟﻨﺎس ﺑﻞ وﯾﺤﻜﻤﻮا ﻓﯿﻬﻢ، وﻫﻢ ﻣﺎ زاﻟﻮا ﻓﻲ ﻣﻘﺘﺒﻞ اﻟﻌﺸﺮﯾﻨﺎت. ﻓﻜﺎن ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ واﻟﻄﺒﯿﻌﻲ أن ﯾﺘﺰوﺟﻮا ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻤﺮ، أﻣﺎ ﻓﻲ وﻗﺘﻨﺎ اﻟﺤﺎﻟﻲ فكلما ﻧﺠﺪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺸﺨﺼﯿﺎت ، ﻓﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺗﺄﯾﯿﺪ اﻟﺰواج ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ. اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ اﻟﻤﻬﻤﺔ ﻫﻲ اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﯿﺔ ﻓﻤﻦ اﻟﻤﺴﺘﺤﯿﻞ وﻏﯿﺮ اﻟﻤﻨﻄﻘﻲ أن ﯾﻘﻮم ﺷﺨﺺ ﻏﯿﺮ ﻣﺴﺌﻮل ﺑﺒﻨﺎء ﻣﻨﺰل وإﻧﺸﺎء ﻋﺎﺋﻠﺔ. ﻓﺎﻟﻤﺮأة ، ﯾﺠﺐ أن ﯾﻜﻮن ﻟﺪﯾﻬﺎ ﻣﺴﺌﻮﻟﯿﺔ ﻛﺎﻓﯿﺔ ﻟﺘﻜﻮن زوﺟﺔ وأم ﺗﺤﺴﻦ ﺗﺮﺑﯿﺔ اﻷﻃﻔﺎل، واﻟﺮﺟﻞ ﻣﺴﺌﻮﻟﯿﺔ اﻟﻘﻮاﻣﺔ واﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ إﻋﺎﻟﺔ اﻟﻤﻨﺰل وﻫﻜﺬا. اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻷﺧﯿﺮة واﻷﻛﺜﺮ أﻫﻤﯿﺔ ﻫﻲ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺪﯾﻨﻲ واﻟﺨﻮف ﻣﻦ ﷲ. ﻓﻜﻤﺎ أن اﻟﺤﺎﻟﺘﯿﻦ اﻟﺴﺎﺑﻘﺘﯿﻦ ﻻ ﺗﺨﻠﻮان ﻣﻦ اﻷﻫﻤﯿﺔ، لكن ﻻ ﺷﻲء ﯾﻤﻜﻦ إﻧﺠﺎزه وإﻛﻤﺎﻟﻪ ﺑﻨﺠﺎح دون اﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ اﷲ واﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ. نعم، اﻟﺪﯾﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺣﺚ ﻋﻠﻰ اﻟﺰواج اﻟﻤﺒﻜﺮ ﻟﻜﻦ ﯾﺨﻄﺊ اﻟﻜﺜﯿﺮون ﺑﺎﻻﻋﺘﻘﺎد بلزوم اهميته دون اﻷﺧﺬ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر أﻧﻪ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺳﯿﺌﺎﺗﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﺴﻨﺎﺗﻪ. ﻟﺬﻟﻚ ﯾﺠﺐ أن يكون الشخص عارفا بأصول دينه، وأن ﯾﺘﻖ اﷲ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ وأﻫﻠﻪ ﻗﺒﻞ اﻹﻗﺪام ﻋﻠﻰ اﻟﺰواج المبكر. أﺛﺒﺘﺖ اﻟﺪراﺳﺎت أن اﻟﺰواج اﻟﻤﺒﻜﺮ ﻓﻲ ﺟﯿﻠﻨﺎ اﻟﺤﺎﻟﻲ أﺻﻌﺐ ﻣﻦ ذي ﻗﺒﻞ، وأﻛﺜﺮه ﯾﻨﺘﻬﻲ ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ واﻟﻄﻼق. ﻓﻲ رأﯾﻲ اﻟﺸﺨﺼﻲ أن ذﻟﻚ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﯾﺤﺪث ﺑﺴﺒﺐ اﻻﺳﺘﻌﺠﺎل وﻋﺪم اﻟﺘﻔﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺎط اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، واﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺻﻐﺎر اﻟﺴﻦ أﻧﻬﻢ ﻣﻬﯿﺄون وﻫﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ أﻛﺜﺮﻫﻢ – إﻻ ﻣﻦ رﺣﻢ رﺑﻲ – ﻻ زاﻟﻮا ﻓﻲ ﻃﯿﺶ ﻣﺮاﻫﻘﺘﻬﻢ. ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻨﺼﺢ واﻹرﺷﺎد ﻟﻜﻞ من اﻟﻮاﻟﺪﯾﻦ أو اﻟﻤﻘﺪﻣﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺰواج، وﻧﺼﺤﻬﻢ ﺑﺈﻃﺎﻟﺔ ﻣﺪة اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ وﺗﻜﻮﯾﻦ اﻟﻨﻔﺲ ، واﻟﺼﯿﺎم ﻛﻤﺎ أﻣﺮﻧﺎ اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺳﻠﻢ، ﻗﺒﻞ اﻹﻗﺪام ﻋﻠﻰ ﻗﺮار ﻣﻤﺎﺛﻞ ، ﻷن درء اﻟﻤﻔﺎﺳﺪ مقدم على جلب المصالح.